تلك الأيام المقصود بها أيام زمان خصوصاً أيام الخمسينيات والستينيات الله يرحمها ويحسن إليها ( رٌب يوم بكيت منه ولما أنقضى بكيت عليه ) حيث انه كان هناك نفوذ لمصر ليس في الدول العربية والأفريقية فقط بل كان ممتد لكثير من دول العالم وكان المصري لا يسافر للعمل أو الهجرة إلا نادراً حيث كان الكل متشارك في ثروة البلاد فلا تسمع عن رشاوى سرية أو علنية ( و اسأل مرسيدس وفيروتشال والبقية تأتي و الكل نسى ولا كأن فيه موضوع من أصله ) وكان المصري لا يذهب للعمل بكفيل أو الطفيل ( يمكنك اخيار الأسمين معاً ) ولا كان يمكن لمسه بسوء والا كانت الدنيا تقوم ولا تقعد ( كرامة المصري كانت فوق الحسابات ) وكان السلم العام والأجتماعي ممتازاً وسمعة مصر لا يضاهيها أحد وكانت الدول العربية لا تجروأ على منافسة مصر والسحب من رصيدها بل كان الأحترام المتناهي ( و الا كان مصير الحاكم مثل مصير نوري السعيد في العراق ) و الوعي بأهمية مصر والسمع والطاعة في أكثر الأحيان و من لا يريد كان لا يستطيع ان يعادي لانه يعلم ان المواجهة ستطيح به او ترهقه وكانت لا توجد فتنة طائفية بل كانت المواطنة في أعلى درجاتها والدولة لها سطوتها ولا يجرؤ أحد على المساس بها أو الأستنجاد بأمريكا لأن أمريكا كانت لاترعب مصر الفتية التي كانت قبلة العرب و الأفارقة و العالم الثالث و الا فأن القانون او بأليات أخرى سيتم محاسبته ( وجعله عبرة لمن يعتبر ولم يكن هناك مجتمع القبائل الذي نحياه الآن ) دون خوف من مجلس الأمن أو الدول الغربية مجتمعة ( بالمناسبة حجم المؤمرات على مصر في تلك الأيام كان أكبر وأكثر لوجود قوة ناشئة فعلا وليس بأرقام البنك الدولي ومن وراءه التي لا نرى منها شيئاً ) واما عن النيل فحدث ولا حرج حيث كانت العلاقات مع هذه الدول خصوصاً في أحسن فتراتها ولم تكن مصر الا عوناً وسنداً لهذه الدول ( اما اليوم فتسمع تصريحات ميليس زيناوي في اديس ابابا تجاه مصر فتتعجب و لو قالها أيام الستينيات لكان رأسه معلقا او وصلت المعارضه الأثيوبية للحكم او يتم اغتياله ) و قد حدث ايام الستينيات في ذروة حرب اليمن ان اشارت بعض المصادر بأعتقال بعض امراء اليمن من اتباع النظام الأمامي الرجعي الذي دعمه السعودية الي كانت تخشى مصر تحت حكم جمال عبد الناصر ( سبحان مغير الأحوال ) وكانت الواسطة شبه معدومة ولا توجد بطالة وقوى عاطلة ( مصانع في كل مكان بمصر والدليل الخصخصة كانت بتبيع في ايه غيرها لأنه مافيش غيرها ) وكرامة المصري فوق الاعتبارات والمصالح ( لا يتم بيعها من اجل الأستثمارات او العمالة الموجودة بالخارج ) ولم لا وكانت الثورة كانت لها من التأييد الجارف عند قيامها ( بسبب السخط على الحال المتردي لمصر والمصريين ) مما جعل الغالبية العظمى والساحقة معها وتؤيدها خصوصاً عند كسر شوكة الرأسماليين الأقطاعيين وتحالف الثروة والسلطة التي أدت الي سيطرة رأس المال على الحكم ليس هذا فحسب بل تم تأسيس صناعة وطنية لازلنا نعتمد عليها حتى اليوم مثل الحديد والصلب ( أوعى تفتكر أني بغمز والمز ) وقانون الأصلاح الزراعي وقبل كل هذا استرداد قناة السويس التي ضيعتها اسرة محمد على باشا التي يحلوا للبعض جعلها وطنية وصانعة مصر ( الأحتلال الأنجليزي حدث في عهد واحد منها وهو الخديوي توفيق أما محمد علي باشا نفسه باع كثير من أثار مصر أو أهداها خصوصاً لفرنسا ) المهم انها كانت ايام تعتبر من عيون تاريخ مصر العظيمة فبالرغم من قلة الموارد ( حيث الأستقلال الحديث ) الا أنه تم عمل الكثير بالتفكير والأعتماد على الذات ولهذا لا يزال أغلب المصريين لديهم حنين لتلك الأيام بالرغم ما كان بها من تجاوزات لأن المحصلة ان الشعب قد استفاد من وطنه والدولة راعت الناس قدر استطاعتها بالرغم من قلة الأموال وقتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق